نموذج الإشغال بالوضعيات في درس الفلسفة (الجذع المشترك)

يوسف المرابط / باحث في الفلسفة – المغرب

الوضعية:

الأهداف :

  1. التعرف على البنية المعجمية لمسألة نشأة الفلسفة.
  2. التعرف على خصائص التفكير الفلسفي ومكوناته وشروطه .
  3. التعرف على العلاقات الممكنة التفكير الأسطوري والتفكير العقلاني .
  4. التعرف على العوامل المساهمة في ظهور الفلسفة .
  •  السياق:

  ” قدم  تلميذ  أمام زملائه عرض تناول فيه موقف الفيلسوف والباحث الفرنسي حون فان بيير فيرنان حول مفهوم الفلسفة ، وأثناء مناقشة ما قدمه ، طرح مشكل يتعلق بظهور المفهوم . فمن التلاميذ من ذهب إلى نشأة الفلسفة ظهرت مع الإغريق غير أن هناك من ذهب إلى أن الفلسفة لم تنطلق الا من خلال مجموعة من الشروط التي وفرتها  لها الحضارات السابقة (اليونانية، البابلية، المصرية…) ، وهذا ما يؤكده المؤرخون ؛  ومنهم من دافع على الفكرة القائلة : إن الفلسفة لم تكون حاضرة إلا من خلال البرهان الذي انطلق مع اليونان.

  وأثناء هذا النقاش أثيرت مسألة قدرة المتعلم على معرفة الظروف والشروط التي نشأة وفقها الفلسفة، الأمر الذي دفع كثير من المتعلمين إلى طرح مشكلة  الظروف التي نشأة وفقها الفلسفية ، كمكون أساسي ينبغي التفكير فيه ، على اعتبار أن  قدرة المتعلم على معرفة الملابسات التي نشأة وفقها الفلسفة إلا إذا امتلك مجموعة من القدرات  الابستيموجية والبيداغوجية والديداكتيكية اللازمة .

  توصل إذن التلاميذ إلى ضرورة اكتساب هذه القدرات لمعرفة شروط نشأة الفلسفة وخصائصها ، وهذا ما يدعوهم إلى المقارنة بين التفكير البابلي والمصري واليوناني لاستخلاص أوجه الجدة والتغير في هذا الأخير  .

عرض المدرس مجموعة من الوثائق البيداغوجية على شكل ” أسناد ” إلى المتعلمين كمساعدة لهم على بلوغ ما طلبوه “

 

  •  التعليمات :
  1. استنادا إلى ما اكتسبته من معارف خلال المجزوءات التي تكونت فيها أثناء مرحلة التعليم الاعدادي ، و برجوعك إلى الأسناد المقترحة أدناه ، و بالاستعانة  بما يمكن تحصيله من بحثك الذاتي عن معنى ” نشأة الفلسفة ” عرف المفاهيم التالية: اليثوس muthos؛ اللوغوس logos؛ الأنطولوجيا ontologie؛ الفلسفةphilosophie .

  1. أذكر خصائص التفكيرالفلسفي ومقتضياته ، مستعينا بالتوجيهات التالية :
  • العلاقة بين التفكير عند الحضارة البابلية والمصرية والحضارة اليونانية
  • معايير التمييز بينها .
  • درجات اختلافها .
  • رسم خط تطورها التصاعدي والتنازلي
  • الفرق بين مجال الأسطورة ومجال الفلسفة.
  • مجال الأسطورة
  • مجال الفلسفة
  1. ما هي شروط وعوامل بداية فعل التفلسف أو نشأة الفلسفة؟
  2. ما هي أهم مراحل تطور الفكر الفلسفي؟ وما مؤشرات ذلك في تاريخ الفلسفة؟
  • لابد من الإشارة إلى اللحظة اليونانية والوسيطية ثم الحديثة ثم المعاصرة أو إلى بعضها
  1. اجمع ما قمت بتحصيله من نتائج حول “نشأة الفلسفة ” ( خصائصها ، ومكوناتها ، ومقتضياتها ) واعرضها على زملائك على شكل أثر مكتوب .
  •  الأسناد:

السند 1:

لقد  ظهرت  الفلسفة  لأول  مرة  في بلاد اليونان القديمة، حوالي القرن  6 قبل  الميلاد مع الفلاسفة  الذين  ينعتون  بالفلاسفة  الطبيعيين، أمثال : طاليس –  أنكسمنس – أنكسمندر…
و قد سموا بذلك  الاسم لأن  تفكيرهم انصب حول البحث في  الطبيعة  وأصل الكون. و قد ظهرت  كلمة <فيلوسوفوس> « philosophos » لأول  مرة  مع   فيتاغورس   الذي يعتبر  أول من  سمى  نفسه  فيلسوفا، أي  محبا للحكمة  و باحثا  عن  المعرفة.  وقد  ظهر مصطلح فيلوسوفوس كمقابل لمصطلح<سوفوس> « sophos » ففيلوسوفوس « philosophos » هو   الفيلسوف الذي يحب الحكمة و يبحث عن الحقيقة أما سوفوس فهو الحكيم الذي يدعي امتلاك المعرفة.
هكذا فالفلسفة في أصلها الاشتقاقي في اللغة اليونانية تعني محبة الحكمة والبحث عن الحقيقة بشكل مستمر دون ادعاء امتلاكها.
و قد ظهرت الفلسفة في الحضارة اليونانية كتفكير عقلاني مقابل التفكير الأسطوري الخيالي الذي كان عند اليونانيين قبل ظهور الفلسفة.

السند 2:

لقد سبق التفكير اليوناني الفلسفي التفكير الشعري القديم، والفكر اليوناني ذاته انتقل من المرحلة الشعرية لهوميروس وهيزيود إلى المرحلة العقلانية أي مرحلة البراهين والحجاج، والدليل هو أن كل من أفلاطون وأرسطو قاموا بذكر قصائد الحضارات السابقة( قصيدة الخلق البابلية والقصيدة المصرية) والفكر الشعري لهوميروس وهيزيود. لكن كان ظهور التفكير العقلاني نوع أخر من التفكير يختلف عن سابقه إنه الفلسفة بحق.

السند 3:

لقد كانت الظروف السياسية هي التي تمثّل الأساس في الانتقال من الحكم الديكتاتوري إلى نظام الحكم الديمقراطي، والتي تبيح حريّة التعبير وطرح جميع القضايا للنقاش بشكلٍ علني، وتَمثل هذا الأمر  بانتقال الحكم من   الأوليغارشيّة – الأقليّة الحاكمة –  إلى الدولة  المدنيّة الديموقراطيّة، والتي وفرت بدورها مناخاً فكريّاً وسياسيّاً سادت فيه حرية الفكر،  والتعبير، والحوار، والمناقشة، والجدال. كان للاقتصاديّة أثر كبير في  ظهور الفلسفة  لدى  اليونان ، فنتيجةً للتطور الاقتصادي الكبير الذي  شهده المجتمع  اليوناني، والمتمثل  بتحول  النشاط الزراعي والرعوي إلى النشاط  الصناعي والتجاري، حيث إن  هذا التحول  رافقه  ظهور العملةِ النقديّة، ومن المعروف بأن استخدام النقود له قدرة كبيرة على تنمية الفكر التجريدي قياساً على  عمليّة  المقايضة التي  تستند على كل ما  هو حسي. كما أن  للثقافة  اليونانية وانتشار العديد من العلوم الأثر الكبير في انتشار الفلسفة، كعلوم الفلك  والرياضيّات، ولا سيما أن الفلاسفة في ذلك الوقت كانوا في الأساس علماء كفيثاغورس وطاليس، وهذا أدى إلى انتقال الفكر من الميثوس أي التفكير المبني على الخرافة أو الأسطورة، إلى اللوغوس أي الفكر القائم على العقل، وبالإضافة لهذا  فإن لانتشار  الكتابة الأثر الأكبر في  إشاعة الثقافات المختلفة بين عامة الناس، وهذا كله أدى إلى نمو الأفكار الفلسفيّة التي تقوم على النقد والاستدلال. والبرهان.

السند 4:

“إذا كان فعل الفلسفة ليس شيئا أكثر من النظر في الموجودات واعتبارها من جهة دلالتها على الصانع-اعني من جهة ما هي مصنوعات، فإن الموجودات إنما تدل على الصانع بمعرفة صنعتها، وانه كلما كانت المعرفة بصنعتها أتم كانت المعرفة بالصانع أتم[…]

فأما الشرع دعا إلى اعتبار الموجودات بالعقل، وتطلب معرفتنا به، فذلك بين في غير ما آية من كتاب الله تبارك وتعالى:

– مثل قوله تعالى” فاعتبروا يا أولي الأبصار” وهذا نص على وجوب استعمال القياس العقلي والشرعي معا.

-ومثل قوله تعالى ” أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء“. وهذا نص يحث على النظر في جميع الموجودات […]

وإذا تقرر أن الشرع قد أوجب النظر بالعقل في الموجودات واعتبارها، وكان الاعتبار ليس شيئا أكثر من استنباط المجهول من المعلوم، واستخراجه منه وهذا هو القياس أو بالقياس، فواجب أن نجعل نظرنا في الموجودات بالقياس العقلي.”

– ابن رشد، فصل المقال، مع مدخل ومقدمة تحليلية لمحمد عابد الجابري، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت-نوفمبر 1997، ص ص 285-286-287.

إغلاق