أثر الصداقة على الفرد والمجتمع

لا يمكن أن ننكر أن الإنسان كائن اجتماعي، وهو ما أكده مجموعة من الفلاسفة ووعلماء الاجتماع، ولذلك فالإنسان لا يستطيع أن يعيش معزولا ووحيدا، لذلك نجد أنه ومنذ القدم يعيش في إطار جماعات وفي إطار مجتمع منظم. ولأن الإنسان كائن اجتماعي فهو يظل في حاجة إلى الصداقة، أي إلى أصدقاء. ويأتي هذا المقال ليجيب عن سؤال ما هو أثر الصداقة على الفرد والمجتمع؟

قبل الإجابة على هذا السؤال، لابد أولا أن نشرح ما نقصده بالصداقة وبالفرد وبالمجتمع. 

تعريف الصداقة والفرد والمجتمع 

ما هي الصداقة؟

الصداقة في اللغة أصلها صَدَقَ من الصدق، والصدق نقيض الكذب. ومنه نفهم أن الصداقة في اللغة هي العلاقة التي تتأسس على الصدق.

تعني الصداقة العلاقة التي تربط بين شخصين أو أكثر، والتي تتأسس على الصدق والثقة والمودة والتعاون… وقد ميز الفيلسوف اليوناني أرسطو بين ثلاث أشكال من الصداقة: صداقة الفضيلة، صداقة المتعة، صداقة المنفعة

ما هو الفرد؟

يعني الفرد في اللغة الشيء الذي لا ينقسم فهو جزء أحادي، بمعنى أنه يمكن أن يحقق وجوده من ذاته دون الحاجة إلى مساعدة الآخرين أو إلى الارتباط بهم 

ونجد في موسوعة لالاند الفلسفية أن الفرد هو الكائن الذي يعيش بذاته ويتسم بمثل هذا التمركز وهذا التناسق الوظيفي بحيث لا يمكن تقسيمه دون تحطيمه.

أما في العلوم البيولوجيا هو كل كائن حي تتعاون أجزائه تعاونا دائما ووثيقا بهدف الحفاض على بقائه بحيث إذا اختل هذا التعاون تعطلت وظائف هذا الكائن الحي أو تبدلت تبدلا تاما. 

والفرد في علم النفس: هو الشخص المتميز عن الآخرين بهويته ووحدته، بمعنى آخر هو شخص ذو صفات خاصة مختلفة عن الصفات المشتركة بينه وبين أبناء جنسه.

و في علم االجتماع، فالفرد هو وحدة من الوحدات التي يتألف منها المجتمع 

ما هو تعريف المجتمع؟

يشير مصطلح المجتمع إلى كل مجموعة من الأفراد تربط بينهم علاقات ومصالح متبادلة، ويعيشون على أرض مشتركة وتجمعهم روابط ثقافية دينية أو عرقية أو لغوية..

أثر الصداقة على الفرد وعلى المجتمع

بعد تعريفنا لكل من الصداقة والفرد والمجتمع، سنقوم الآن بكشف آثر الصدقة سواء على الفرد أو على المجتمع. فما هو أثر الصداقة على الفراد والمجتمع؟

أثر الصداقة على الفرد

لنحدد أثر الصداقة على الفرد، يجب أن نبين أثر الأصدقاء على الذات. وهنا يمكن أن نستحضر بعض ما قاله الفيلسوف أرسطو في حديثه عن أهمية الصداقة وأهمية الأصدقاء.

يرى أرسطو أن الإنسان كائن مدني (اجتماعي وسياسي)، ولذلك في حاجة إلى الأصدقاء، وأن الفرد الذي يعيش معزولا هو أشبه بالوحوش. 

وللصداقة أثر الفرد.

لا أحد يقبل أن يعيش بلا أصدقاء ولو كان له مع ذلك كل الخيرات. 

يحتاج الفرد الأصدقاء في لحظة الثراء، لأنه يحتاج إلى المدح

في غياب الأصدقاء  لا يمكن أن يحفظ الإنسان ثروته

الصداقة تحصننا من البؤس، فالأصدقاء هم الملاذ الوحيد الذي يمكننا الاعتصام به في حالة البؤس وفي الشدائد المختلفة.

الصداقة هي التي تعصمنا في فترة الشباب، لأن الفرد في هذه المرحلة يتميز بالتهور، ويحتاج الأصدقاء من أجل نصيحة والرشد

حتى في فترة الشيخوخة فالفرد يحتاج إلى الصداقة، لأنها هي التي تعوض للفرد ضعفه.

لكن الصداقة التي يتحدث عنها أرسطو هنا، هي صداقة الفضيلة، وليست صداقة المتعة أو صداقة المنفعة، لأن صداقة المنفعة ستزول بزوال المنفعة، كما أن صداقة المتعة ستزول بزوال المتعة، وبالتالي فهي ليس بصداقة حقيقية. لكن صداقة الفضيلة ستستمر، لأنه تتأسس على الخير.

الأثر السلبي للصداقة على الفرد.

إذا كان للصداقة وجه إيجابي من حيث أنها تساعد الفرد، فلها أيضا وجه سلبي، ويكفي أن ننفتح على واقعنا اليوم حتى نرى كيف تحولت الصداقة إلى صداقة قائمة على المصلحة والمنافع المتبادلة، وكيف أنه أصبحت صداقة قائمة على ما يمكن تبدله.

وفي هذا الإطار يمكن الإطلاع على مجموعة من الكتابات من بينها كتابات الفيلسوف الألماني فردريك هيجل، وكتابات عالم الإجتماع زيجمونت باومان، وهنا نقترح عليكم كتابه المعنون بالحب السائل، عن هشاشة الروابط الإنسانية.

أثر الصداقة على المجتمع

إن الحديث عن أثر الصداقة على الفرد هو في نفس الوقت حديث عن أثر الصداقة على المجتمع. ولو أردنا التفصيل في موضوع أثر الصداقة على المجتمع يمكن أن نستحضر ما يلي:

الصداقة تخلق جوا من التضامن والتآزر والتآخي، حيث يتعامل أفراد المجتمع على أنهم أصدقاء وليس على أنهم أعداء، وتعامل الأفراد على أنهم أصدقاء يؤدي إلى تحقيق مجموعة من الفضائل مثل:

  1. الحب
  2. الاحترام
  3. التضامن
  4. التعاون
  5. التسامح

وتأسيس المجتمع على هذه القيم الأخلاقيا يحدث أثرا إيجابيا، فهو سيؤدي إلى خلق مجتمع إنساني متكامل، ويعيش نوع من الرفاهية والازدهار.

ويمكن تلخيص النتائج الإيجابية للصداقة على المجتمع فيما يلي:

  1. تحقيق النمو والازدهار
  2. تحقيق التضامن والتكامل
  3. غياب الرذائل كالكراهية والعنف والاستغلال والحروب والاقتتال…
  4. تحقيق التماسك بين أفراد المجتمع

ولذلك يرى أرسطو أن الصداقة تجعل المجتمع في غنى عن العدالة.

 

إغلاق