نموذج علم الاجتماع – العلوم الإنسانية

نموذج علم الاجتماع –  العلوم الإنسانية
المجزوءة  مجزوءة المعرفة
المفهوم مسألة العلمية في العلوم الإنسانية
المحور الرابع محور نموذج علم الاجتماع

محاور الدرس

  • تقديم
  • موضوع علم الاجتماع
  • منهج علم الاجتماع
  • نظريات علم الاجتماع

تقديم حول علم الاجتماع

يعد علم الاجتماع  (السوسيولوجيا) من بين أهم فروع العلوم الإنسانية.  وإذا كان علم النفس يهتم بالإنسان كفرد، فإن علم الاجتماع  يهتم بالإنسان كجماعة أو كمجتمع. وقد ارتبط علم الاجتماع تاريخيا بالقرن التاسع عشر ميلادي، وكانت نشأته في أوروبا مرتبطة بظروف اجتماعية واقتصادية ، وبما أن لكل علم موضوع يهتم بدراسته وكشف حقيقته، ومنهج يعتمده في تلك الدراسة، ونظريات تمثل تصورا للواقع المدروسة، فيحق لنا أن نتساءل: ما هو الموضوع الذي يهتم علم الاجتماع بدراسته؟ وما هو المنهج الذي يعتمده في دراسة موضوعه؟ وما هي النظريات التي يعتمدها في فهم موضوعه؟؟

  • موضوع علم الإجتماع:

لكل علم موضوع خاص به، ينفرد بدراسته. وبالنسبة لموضوع علم الاجتماع فهو الظاهرة الاجتماعية أو ما اصطلح عليه دوركايم بالواقعة الاجتماعية. لكن هل كل ظاهرة نطلق عليه ظاهرة اجتماعية هي ظاهرة اجتماعية؟

إجابة على السؤال الأخير، يمكن أن ننطلق من قول عالم الاجتماع الفرنسي ريمون آرون: “إن علماء الاجتماع متيقنون بأن هذه الظواهر، كالعائلة والطبقة الاجتماعية والعلاقات بين أقسام الواقع السياسي والاقتصادي مثلا، لم يبرزها حتى الآن أي منهج، وهذه الظواهر هي ما يشكل الموضوع الخاص لعلم الاجتماع” من هنا يتبين لنا أن لعلم الاجتماع موضوع خاص ، ويتمثل في الظواهر الاجتماعية كالعائلة والطبقة الاجتماعية.

وفي نفس السياق يمكن أن نستعين بما قدمه عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركايم، ففي كتابه “قواعد المنهج في علم الاجتماع”، يميز دوركايم بين ما يعتبر ظاهرة اجتماعية وبين ما لا يعتبر ظاهرة اجتماعية، والهدف من ذلك هو تحديد الموضوع الخاص بعلم الاجتماع. يقول دوركايم: “فكل فرد منا يشرب وينام ويأكل ويفكر… لكن إذا اعتبرنا هذه الأشياء ظواهر اجتماعية لما وجد موضوع خاص بعلم الاجتماع، ولاختلط مجال بحثه بمجال البحث في كل من علم الحياة وعلم النفس”. وبعد تحديده لما لا يعتبر موضوعا لعلم الاجتماع، قام دوركايم بتبيين الخصائص  التي تمتاز بها الظاهرة الاجتماعية، والتي من بينها:

  • الخارجية: أي أن الظاهرة الاجتماعية توجد في المجتمع، وخارج وعي الأفراد.
  • القهر والإلزامية: أي أن الظاهرة الاجتماعية تمتاز بقوة آمرة قاهرة هي السبب في أنها تفرض نفسها على الفرد أراد ذلك أو لم يرد.
  • منهج علم الاجتماع:

من الطبيعي أن اختلاف الموضوع يؤدي بالضرورة إلى اختلاف المنهج، لذلك نجد اختلافا من حيث المنهج المتبع في دراسة الظاهرة الاجتماعية. وعموما يمكن التمييز بين منهجين، منهج التفسير ومنهج الفهم. الأول ينطلق من تصور الظاهرة الاجتماعية كشيء يتميز بالخارجية والاستقلال عن الذات، وبالتالي يمكن دراستها كما تدرس الأشياء، و وهذا المنهج يعتمد على الاستقراء، بحيث ينطلق عالم الاجتماع من حالات جزئية ليقوم بعد ذلك بتعميم النتائج التي توصل إليها، وهذا المنهج يتبناه مجموعة من علماء الاجتماع أمثال إميل دوركايم أما المنهج الثاني، والذي هو المنهج التفهمي، فينطلق من الـتأكيد على اختلاف الظاهرة الاجتماعية عن الظاهرة الطبيعية، فهي تتميز عنها بالوعي، وكما يقول ستراوس ” يبدو أن الوعي هو بمثابة العدو الخفي لعلوم الإنسان”. وهذا المنهج يقوم على التأويل وفهم المقاصد والنوايا، وهو المنهج الذي تبناه عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر وغيره…

  • نظريات علم الاجتماع:

فيما يخص النظريات في علم الاجتماع فإنها تتعدد بتعدد رؤى علماء الاجتماع للمجتمع وللظاهرة الاجتماعية. فنجد من بين نظرياته: النظرية الوضعية، النظرية التفهمية، النظرية الوظيفية.

أما بخصوص النظرية الوضعية، فهي النظرية التي تتأسس على أسس وضعية، والتي يرى أصحابها أن المجتمع ينتمي إلى الوجود الطبيعي، وأن ظواهره لا تختلف عن ظواهر الطبيعة. ومن أبرز من قاموا بصياغة وبناء النظرية الوضعية نجد أوغست كونت، الذي أكد على ضرورة فهم المجتمع وظواهر فهما وضعيا –علميا وأكد على ضرورة التخلي على كل الأفكار اللاهوتية والميتافيزيقية. كما نجد إميل دوركايم الذي حدد قواعد المنهج لدراسة الظاهرة الاجتماعية وأكد على أسبقية المجتمع على الفرد، وأسبقية الاجتماعي على الفردي…

وأما بخصوص النظرية التفهمية فهي النظرية التي تؤمن بأن سلوك الفرد داخل المجتمع محدد بغايات ومقاصد، ويحمل دلالات تحتاج فهما من طرف الباحث السوسيولوجي. لذلك يؤكد أنصار مؤسسو هذه النظرية على ضرورة اعتماد المنهج التفهمي الذي يقوم على فهم وتأويل الدلالات وفهم المقاصد والغايات. وأبرز مؤسسي النظرية التفهمية عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر.

وأما النظرية الوظيفية فهي النظرية التي تؤمن بكون المجتمع كالكائن الحي الذي يتكون من مجموعة من الأعضاء، وكل عضو يؤدي وظيفة خاصة به، ويساهم في استمرار النسق. ومن أبرز من صاغوا النظرية الوظيفية نجد تالكوت بارسونز (1902-1979م)  الذي يؤكد على كون الأسرة نواة اجتماعية تكفل بأدوارها التربوية  والاقتصادية في الحفاظ على توازن النسق الاجتماعي وبقائه.

إغلاق