ملخص مفهوم الشخص: الهوية، القيمة، الحرية والضرورة

ملخص مفهوم الشخص: الهوية، القيمة، الحرية والضرورة

يتم الاشتغال على مفهوم الشخص في الفلسفة نظرا لأهميته المعرفية والإشكالية، ونظرا لما يطرحه هذا المفهوم من إشكالات وتساؤلات ترتبط بهوية الشخص وقيمته وحريته. 

فما الشخص؟ وما أساس هويته؟ وفيم تكمن قيمته؟ وهل هو حر في اختياراته وتصرافته أم أنه خاضع للضرورة؟

تعريف مفهوم الشخص

يعرف الشخص عموما باعتباره تلك الذات الواعية والمفكرة والعاقلة والقادرة على التمييز بين الخير والشر وبين الخطأ والصواب والتي تتحمل مسؤولية أفعالها قانونيا وأخلاقيا.

الشخص والهوية

تعريف الهوية

الهوية حسب أندريه لالاند هي خاصية ما هو مماثل. وهي أيضا خاصية فرد، أو كائن شبيه بفرد ما والذي نقول إنه مماثل له، أو إنه هو ذاته في مختلف لحظات وجوده…”

الإشكالات:

ما أساس هوية الشخص وما الذي يجعل الشخص هو نفسه رغم اختلاف الوضعيات والأزمنة والأمكنة؟ هل تتأسس هوية الشخص على الفكر أم على الشعور أم على الإرادة؟

موقف ديكارت:

يؤكد ديكارت أن ما يميز  الإنسان هو الفكر، باعتباره جوهر الذات، وما يمنحها وجودها ويمنحها القدرة على الفهم والتصور والشك والإحساس… وهنا يمكن أن نستحضر الكوجيطو الديكارتي : “أنا أشك إذن أنا أفكر إذن أنا موجود”، والذي يؤكد من خلاله ديكارت أن الحقيقة الوحيدة التي لا شك فيها هي حقيقة الذات المفكرة. ومنه يمكن أن نستنتج أن أساس هوية الشخص حسب ديكارت هو الفكر، وبشكل خاص الفكر المجرد.

موقف جون لوك

على خلاف الفيلسوف العقلاني ديكارت، يؤكد الفيلسوف التجريبي جون لوك على أهمية الحواس، وعلى أهمية الشعور، ويؤكد أن أساس هوية الشخص هو الشعور المقترن بالفكر، بمعنى أنه يؤكد أيضا على أهمية الفكر، لكن يرفض القول بانفصال الفكر عن الشعور ويؤكد على ارتباطهما الوثيق. 

لكن إضافة إلى الشعور يتحدث جون لوك عن عنصر آخر، وهو الذكرة، فهي التي تجعل الشعور بالذات والوعي بها يستمر في الزمن.

موقف شوبنهاور

بخصوص هوية الشخص يؤكد شوبنهاور أن الإرداة هي الأساس، لأنها تظل في هوية مع نفسها ولا تتغير بتغير الزمن والمكان، ولا تتغير رغم ما يطرأ على الجسد من تغيرات سواء على مستوى صورته أو مادته.

ويختلف شوبنهاور مع جون لوك بخصوص عنصر الذاكرة، فإذا كان جون لوك يؤكد على أهمية الذاكرة في تشكيل الهوية الشخصية، فشوبنهاور يؤكد على عكس ذلك، نظرا لأن الذاكرة تتغير، ولا تحفظ إلا الحوادث الرئيسية، كما أنها يمكن أن تتعرض للتلف.

تحميل الكتاب PDF




 

الشخص بوصفه قيمة

تعريف القيمة: 

تعريف القيمة باعتبارها الميزة أو الخاصية التي إذا توفرت في الشيء جعلته شيئا مرغوبا فيه.

الإشكالات

ما الشخص وما القيمة؟ ما أساس قيمة الشخص؟ وما الذي يمنح الشخص قيمة ويجعلها ذات أهمية؟ هل ما يمنح الشخص قيمة هو العقل أم انفتاحه على الآخرين وكونه كائنا اجتماعيا؟ هل تتأسس قيمة الشخص على ما هو داخلي ذاتي أم على ما هو خارجي موضوعي؟ وهل قيمة الشخص مطلقة أم نسبية؟

موقف كانط:

يؤكد الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط أن ما يمنح الشخص قيمة هو كونه شخصا، والذي يجعله شخصا هو امتلاكه لعقل عملي أخلاقي، فالعقل الأخلاقي هو ما يميز الإنسان ويجعله ذو قيمة وأهمية، وما يجعله ذاتا تستحق التقدير والاحترام، ويقصد بالعقل الأخلاقي العقل الذي يتضمن الواجبات الأخلاقية العليا والكونية باعتبارها قواعد مطلقة وقطيعة.

موقف غوسدورف

يؤكد الفيلسوف الفرنسي جورج غوسدورف أن قيمة الشخص ترتبط بما هو خارحي، وبشكل خاص فهي ترتبط بالانفتاح على الاخرين. وفي هذا السياق يقول جورج غوسدورف: “” الشخص الأخلاقي لا يوجد إلا بالمشاركة، إنه ينفتح بذاته على الكون ويستقبل الغير”.

 إذن، فما يمنح الشخص قيمة حسب غوسدورف ليس هو العزلة والفردانية والإنطواء والتقوقع حول الذات، بل هو الانفتاح على الآخرين ومشاركتهم.

الشخص بين الحرية والضرورة

تعريف الحرية

تعرف الحرية باعتبارها حالة الكائن الذي لا يعاني إكراها ويتصرف وفقا لإرادته ومشيئته

تعريف الضرورة

تعني الضرورة الحاجة، وهي سمة ما هو ضروري، كما تعني كل إكراه ممارس على رغبات الإنسان وأفعاله.

الإشكالات

ما الشخص وم الحرية وما الضرورة؟ هل الشخص حر أم خاضع للضرورة؟ بتعبير آخر، هل الشخص حر في اختياراتها وتوجهاتها وأفعاله أم أنه خاضع للضرورة؟ وإن كان خاضعا للضرورة فما طبيعة تلك الضرورة هل هي اجتماعية أم سياسية أم نفسية أم طبيعية؟

موقف اسبينوزا

حسب الفيلسوف الهولندي باروخ اسبينوزا  أن الإنسان ليس حرا، ولا وجود لحرية إنسانية تجعل من الشخص كائنا أسمى من الطبيعة. وما شعورنا بالحرية إلا وهم ناشئ عن تخيلنا بأننا أحرار، وعن جهلنا بالأسباب  الحقيقة التي تسيرنا.

موقف سارتر:

على خلاف مجموعة التصورات والمواقف التي ترى أن الإنسان خاضع للضرورة، يرى سارتر أن الإنسان حر، وأنه هو من يصنع ذاته وحقيقته وماهيته.  وينطلق في موقفه هذا من مبدأ وهو الإقرار بأن الوجود يسبق الماهية، بمعنى أن الإنسان يولد أولا ويلاقي ذاته ويبرز إلى العالم، ثم يحدد بعد ذلك ما سيكون.

 إن الإنسان حسب سارتر غير قابل للتعريف عندما يكون لا شيء، وسيكون ما سيصنعه بنفسه فيما بعد. إن الإنسان في نظر سارتر يشكل ذاته وهويته ويحددها في ضوء ما يختاره لنفسه كمشروع في حدود إمكانيته، وهنا نفهم لماذا يعتبر سارتر الإنسان مشروعا.

إغلاق