العلاقة مع الغير – نموذج تحليل سؤال فلسفي PDF

العلاقة مع الغير – نموذج تحليل سؤال فلسفي PDF

لمساعدة التلاميذ على التمكن من نهجية تحليل ومناقشة السؤال الفلسفي الإشكالي المفتوح، نقترح هذا النموذج الذي يعالج مفهوم الغير وتحديدا محور العلاقة مع الغير.

العلاقة مع الغير – نموذج تحليل سؤال فلسفي

لمعالجة السؤال الإشكالي المفتوح أو مانصطلح عليه بالسؤال الفلسفي يتم اعتماد المنهجية التالية:

منهجية تحليل السؤال الإشكالي المفتوح

لحظة
الفهم
الطرح الإشكالي للموضوع من خلال:

·        إدراك مجال السؤال وموضوعه

·        إبراز عناصر المفارقة أو التقابل،

·        صياغة الإشكال وأسئلته الأساسية الموجهة للتحليل والمناقشة

4 نقط
لحظة
التحليل
تحليل عناصر الإشكال وأسئلته الأساسية

توظيف المعرفة الفلسفية الملائمة لمعالجة الإشكال:

·        استحضار مفاهيم مرتبطة بالإشكال والإشتغال عليها،

·        البناء الحجاجي للمضامين الفلسفية

5نقط
لحظة
المناقشة
·        مناقشة الأطروحة  أو الأطروحات التي يفترضها السؤال

·        طرح إمكانات أخرى للتفكير في الإشكال

5 نقط
لحظة
التركيب
·        استخلاص نتائج التحليل والمناقشة

·        إمكان تقديم رأي شخصي مدعم

3 نقط
الجوانب
الشكلية
تماسك العرض وسلامة اللغة ووضوح الخط. 3 نقط

نموذج تحليل ومناقشة سؤال إشكالي – العلاقة مع الغير

هل تتحدد العلاقة مع الغير في الصداقة؟

  • لحظة الفهم

إن الحديث عن الوضع البشري، هو حديث عن الذات الإنسانية  في مختلف مستويات وأبعاد وجودها، سواء تعلق الأمر بمستوى الوجود الذاتي، أو تعلق بمستوى الوجود العلائقي التفاعلي، أو تعلق بمستوى الوجود التاريخي. ولمعالجة هذه المستويات والأبعاد، يتم الاشتغال على مفاهيم فلسفية إشكالية، وهي: الشخص، الغير، التاريخ. وسنقف هنا عند مفهوم الغير باعتباره موضوع اشتغالنا الفلسفي، وباعتباره موضوع السؤال الإشكالي قيد التحليل والمناقشة، والذي يعالج إشكال العلاقة مع الغير، أي العلاقة القائمة بين الذات والغير باعتباره ذات أخرى. وتجدر الإشارة إلى أن السؤال الإشكالي يتضمن مفارقة فلسفية، وهي أن العلاقة القائمة بين الذات والغير قد تكون علاقة صداقة وقد تكون علاقة قائمة على غير الصداقة كالصراع والعنف. واستنادا إلى ما سبق يمكن بسط التساؤلات والإشكالات التالية:

ما الغير وما الصداقة؟ وما طبيعة العلاقة القائمة بين الذات والغير؟ هل تتحدد العلاقة مع الغير في الصداقة أم أنها تتحدد في غير الصداقة؟ ألا يمكن القول أن العلاقة مع الغير قائمة على الصراع والعنف؟

  • لحظة التحليل

قبل الإجابة على الإشكالات والتساؤلات المطروحة، لابد أولا من تحليل عناصر السؤال وأسئلته الأساسية، وخاصة من حيث بنيته المفاهيمية ومن حيث مضمونه.  من حيث البنية المفاهيمية للسؤال، فهو يتشكل من مفهوم الغير باعتباره المفهوم المركزي وموضوع مقالنا الإنشائي هذا، والذي يدل على الأنا الذي ليس أنا ولست إياه على حد تعبير الفيلسوف الفرنسي سارتر. بالإضافة إلى مفهوم الغير نجد مفهوم الصداقة، والذي يحيل على العلاقة التي تربط بين شخصين أو أكثر، والتي تتأسس على الصدق والثقة والمودة والتعاون… وقد ميز أرسطو بين ثلاث أشكال من الصداقة: صداقة الفضيلة، صداقة المتعة، صداقة المنفعة…  أما لفظة علاقة، فتشير إلى صلة الوصل وإلى الرباط الذي قد يجمع بين شخصين أو شيئين… أما من حيث مضمون ومطلب السؤال، فهو يبتدئ بأداة الاستفهام “هل”، وهي أداة تخيير بين أطروحتين مختلفتين أو متناقضتين، ويسأل عن طبيعة العلاقة مع الغير، أي عن طبيعة العلاقة التي تربط بين الذات وبين الغير باعتباره أنا أخرى تشبه الذات وتختلف عنها في الوقت نفسه، وبشكل خاص إن كانت العلاقة بين الذات والغير علاقة صداقة قوامها الثقة والمودة والتعاون..

بعد تحليل عناصر السؤال يمكن أن نجيب من خلال الأطروحة القائلة أن العلاقة مع الغير تتحدد في الصداقة. وهكذا تظهر العلاقة مع الغير على أنها علاقة إيجابية تتأسس على الحب والاحترام ومكارم الأخلاق، كما تظهر على أنها علاقة قائمة على الفضيلة باعتبارها الاستعداد الدائم لفعل الخير. ويمكن أن ندعم هذه الأطروحة انطلاقا من كون الإنسان خير بطبعه ما يجعله يميل إلى الخير في علاقته بالغير، وهو ما سيسمح بتطهير الوجود البشري من العنف والاقتتال. ولتدعيم الأطروحة يمكن استحضار العلاقة بين الأطفال التي تعتبر كنموذج لعلاقة الصداقة الخالصة من المصلحة والقائمة على الود والمشاركة… ويمكن في هذا السياق استحضار موقف أرسطو فهو الآخر يرى أن العلاقة التي يجب أن تجمع بين الذوات هي علاقة الصداقة، لأنها جميلة وشريفة. كما أننا لا يمكن أن نستغني عن الأصدقاء نظرا لما يحققونه للذات، وفي هذا الصدد يقول أرسطو: “كل الناس على اتفاق في أن الأصدقاء هم الملاذ الوحيد الذي يمكننا الاعتصام به في حالة البؤس وفي الشدائد المختلفة”. إضافة إلى موقف أرسطو، يمكن اعتماد موقف كانط كحجة أخرى، فهو الآخر يؤكد على أهمية الصداقة، و يؤسسها على قيمتي الحب والاحترام.

  • لحظة المناقشة

رغم القيمة الفلسفية للأطروحة القائلة بأن العلاقة مع الغير تتحدد في الصداقة، إلا أنها تبقى أطروحة محدودة، وهو ما سنوضحها بالوقوف عند منطلقاتها ونتائجها.

يمكن أن نؤكد أن الصداقة ليست العلاقة الوحيدة التي تربط بين الذات والغير، كما أن الصداقة قد تخفي خلفها رغبة في السيادة ، كما أنها قد تخفي رغبات نفعية ما يجعلها مجرد صداقة زائفة ولحظية، وهو الأمر الذي تكشفه العديد من العلاقات، كعلاقة السياسي بالمواطن. إضافة إلى ذلك فالذي يجعلنا نقول أن الصداقة هي أساس العلاقة مع الغير هو الفرضية التي تقول بأن الإنسان خير بطبعه، وأنه يميل إلى فعل الخير، لكن  هناك من ينتقد تلك الفرضية ويؤكد أن الإنسان شرير بطبعه، وهو ما يعني استحالة الصداقة أو على الأقل استحالة استمرارها. وبانفتاحنا على مجتمعنا المعاصر، والذي هو مجتمع رأسمالي، يؤمن بالمال وسلطته وقيمته، سنجد أن الصداقة ليست قائمة على فضائل الأخلاق، بل قائمة على المصلحة والمنفعة المتبادلة، وهو ما يجعلنا نتساءل: هل هي في الأصل علاقة صداقة؟ لقد أثارنا جميعا الشخص الذي كان ينادي متتبعيه على وسائل التواصل الاجتماعي بكلمة “أصدقائي”، لنتفاجأ بأنه كان يمهد لطرح دورة تكوينية في مجال الربح على الأنترينت مقابل 999 درهم .

وفي ارتباطنا بموضوع السؤال، وبانفتاحنا على تاريخ الفلسفة وعلى المواقف والتصورات الفلسفية، فسنجد أن العلاقة  مع الغير لم تكن دائما علاقة صداقة، وإنما قد تتأسس على التشييء والصراع. فعلى خلاف الأطروحة التي تؤكد أن العلاقة مع الغير تتحدد في الصداقة، يؤكد جان بول سارتر أن العلاقة مع الغير تتأسس على التشييء، فالغير من خلال نظرته يسلب الذات حريته وعفوتيها، ويحولها من ذات إلى مجرد شيء، وهو ما يؤكده قول سارتر: “الآخرون هم الجحيم”. وكذلك يؤكد الفيلسوف الألماني فريدريك هيغل أن العلاقة مع الغير تتأسس على الصراع، أي الصراع من أجل الاعتراف، وهو ما توضحه “جدلية العبد والسيد”، حيث يسعى كل منهما إلى نزع الاعتراف من الآخر…

وارتباطا بنفس الموضوع الإشكالي، والذي هو العلاقة مع الغير، يمكن الانفتاح على العلاقة مع الغير “الافتراضي”، أي العلاقة التي تتحدد افتراضيا من خلال وسائط التواصل الاجتماعي. وفي هذا السياق يمكن أن نؤكد أنها علاقة معقدة ذات أوجه متعددة، ففيها تتجلى علاقة الصداقة وتتجلى علاقة الصراع وتتجلى علاقة الاستلاب والتشييء…

استنادا إلى ما سبق يمكن القول أن الصداقة تعتبر وجها من أوجه العلاقة مع الغير، وهذا ما يجعل العلاقة مع الغير علاقة إيجابية قوامها المودة والاحترام والصدق والود والخير… لكن الصداقة ليست الوجه الوحيد للعلاقة مع الغير، فقد تتأسس العلاقة مع الغير على الصراع والعنف والتشييء، وهو ما يجعلها علاقة سلبية، لأنها تسلب الذات حريتها وعفويتها وقد تسلبها أيضا قيمها الأخلاقية. إن هذا التعدد والاختلاف هو ما تجلى في تصورات ومواقف الفلاسفة، والذين اختلفوا في طبيعة العلاقة مع الغير، إلا أن مرد اختلافهم هو اختلاف الحقب التاريخية التي ينتمون إليها، واختلاف مرجعياتهم  ومنطلقاتهم، فمنهم من انطلق مما يجب أن يكون (أرسطو، كانط،…) ومنهم من انطلق مما هو كائن وواقع (هيغل، سارتر…)

ومن وجهة نظرنا يمكن أن نؤكد أن….

تحميل نموذج تحليل السؤال الفلسفي PDF

 تحميل النموذج PDF

 

إغلاق