مجزوءة ما الإنسان؟ تأطير إشكالي

موضوع الدرس:

  • الفئة المستهدفة: الأولى بكالوريا

  • المجزوءة : مجزوءة ما الإنسان؟

  • تقديم: ذ. مراد الكديوى

تأطير إشكالي:

                شكل السؤال عن الإنسان من داخل الفكر الفلسفي الغياب الذي يثوي خلف حضور واستبداد مبحث الوجود الذي ظهرت معه الفلسفة في صورتها الأولى كتساؤل عن أصل الوجود وطبيعته (مثال طاليس). إلا أن هذا الغياب سرعان ما بدأ بالكشف عن نفسه كاهتمام أساسي لكل تفكير فلسفي. خصوصا مع ذلك التحول الذي أحدثه سقراط من سؤال الوجود إلى سؤال الإنسان بتأكيده على ضرورة معرفة الإنسان لذاته وهو ما ترجمه في قوله:”أيها الإنسان اعرف نفسك بنفسك”

                إن الإهتمام الفلسفي بالإنسان بهذا المعنى رهين بذلك التحول الذي أحدثه سقراط في تراتبية الموضوعات الفلسفية من الوجود إلى الإنسان. وهو ما حمل شيشرون على القول: “بأن سقراط أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض”. وبذلك أصبحت الفلسفة أساسا تساؤل عن الإنسان كونه مصدر المعرفة الذي نعي من خلاله موضوعات العالم. لكن الجانب المقلق في سؤال الإنسان ليس هو الإنبثاق التاريخي لمفهوم الإنسان كإهتمام فلسفي بل هو الحد الذي نسعى عبره الوصول لماهية الإنسان، وعليه يتحول السؤال من سؤال الكيف (كيف ظهر الإهتمام الفلسفي بالإنسان داخل الفكر الفلسفي؟) إلى سؤال الماهية (ما الإنسان؟)

                بداية يمكن القول بأن سؤال “ما الإنسان؟ ” وعلى الرغم من بساطته إلا أنه يخلق مجموعة من الإشكالات على مستوى الحد والتعريف بحيث لا يتحدد هذا المفهوم بدلالة واحدة جامعة ومانعة. فهو يحيل من الناحية المنطقية إلى ذلك المعنى الكلي الذي يقال على جميع أفراد النوع الواحد. وهو من حيث التحديد الأولي كائن حي-طبيعي له القدرة على تحويل طبيعته في صور ثقافية (كالصنع،المؤسسة،اللغة…) وبذلك يكون كائن بيو-ثقافي على حد تعبير “ادغار موران”. أما من الناحية الفلسفية فهو يحمل على مجموع المعاني التي تميزه عن باقي الكائنات الأخرى، كخاصية النطق التي يكون بموجبها الإنسان حيوان ناطق يتميز أساسا بامتلاكه العقل والوعي. وهو من ناحية أخرى ليس خاضعا ومحكوما كليا بالوعي فقد يكون أساس فعله هو اللاوعي الذي ينم عن إرادة تحقيق مجموعة من الرغبات وبذلك يكون الإنسان كائن راغب. وهو بين حوار الوعي والرغبة كائن رامز يتخذ من اللغة وسيلة للتعبير عن فكره وعن تصوره للعالم. وهو من حيث طبيعة وجوده كائن اجتماعي مجبول على العيش داخل مجتمع يلبي احتياجاته.

                إن التحديدات السالفة الذكر بالقدر الذي تعيننا في تعريف الإنسان بالقدر الذي تزيد من تعميق اشكال السؤال عن ماهية الإنسان. فهذه التحديدات لا تعكس معنى وماهية الإنسان بل هي جرد للخصائص المتضمنة فيه. لذلك فإنه لا يسعنا وضع تحديد دقيق للإنسان نقصره فيه على بعض الخصائص دون البعض الآخر. وإلا سقطنا في مفهوم للإنسان شبيه بسرير بروكست نحذف فيه ونضيف دون أن نصل لماهية الإنسان. ولعل هذه الصعوبة تجد أصل نشأتها في اختلاف التصورات الفلسفية لماهية الإنسان كما هو الحال في النماذج التالية:

ü    سقراط: الإنسان ماهية أخلاقية مرتبطة بضرورة معرفة الذات من أجل القدرة على فعل الخير وتجنب الشر.

ü    ديكارت: الإنسان ماهية معرفية مرتبطة بالوعي نسعى فيها لمعرفة الذات بشكل بديهي واضح بعيد عن الشك والأحكام المسبقة.

ü    نيتشه: الإنسان قبل كل شيء جسد، لأن الإقرار به هو  إقرار بمبدأ الحياة خلافا للتراث الفلسفي الذي عمل على تهميش الجسد وعبادة العقل. وبالتالي تأسيس قيم أخلاقية تسلب الإنسان قدرته على الحياة.

خلاصة القول أنه لا يمكننا تعريف الإنسان تعريفا مجردا نطلب فيه الحد الدقيق. بل على النقيض يمكننا تعريف الإنسان عبر مجموع خواصه. كالوعي والرغبة واللغة والوجود الإجتماعي. فمجموع هذه الخصائص هي التي من شأنها النفاذ بنا لتعرف بعض جوانب المتعلقة بماهية الإنسان وعليه نضع التساؤلات التالية:

ü  ما الوعي؟ وبأي معنى يمكننا القول بأن الوعي ماهية الإنسان في ظل إشكالات التحديد والتزييف؟

ü  هل يمكن اختزال الوجود الإنساني في الوعي فقط أم ان هذا الوعي مجرد جزء من قارة اللاوعي التي تشكل ماهية الإنسان المقموعة؟

ü  كيف تشكل الرغبة ماهية الإنسان؟ وما طبيعة علاقتها بكل من الوعي والحاجة؟ وهل إشباع الرغبة كفيل بتحقيق سعادة الإنسان أم أنه يقوده للشقاء؟

ü  كيف تشرط اللغة الوجود الإنساني؟ وما طبيعة علاقتها بالفكر والسلطة؟

 

ü ما المجتمع؟ وما طبيعة هذا الإجتماع؟ هل يمكن أن نتصور الفرد بدون وجود اجتماعي؟ وكيف يمكن أن يتحول هذا الوجود إلى سلطة قهرية تمارس على الأفراد؟

إغلاق