محور طبيعة السلطة السياسة – مفهوم الدولة

الفئة المستهدفة الثانية بكالوريا
المادة مادة الفلسفة
المجزوءة  مجزوءة السياسة
المفهوم مفهوم الدولة
المحور الثاني محور طبيعة السلطة السياسية

 محاور درس طبيعة السلطة السياسية

  • التأطير الإشكالي
  • تعريف السلطة
  • السلطة السياسية قائمة على الأخلاق و الحق والقانون وفصل السلط:
  • السلطة السياسية قائمة على القوة والعنف

 

التأطير الإشكالي للمحور:

 لكي تمارس الدولة مهامها وأدوارها الموكلة إليها، لابد لها من سلطة سياسية. غير أن السلطة الممارسة من طرف الدولة تطرح إشكالا وهو المرتبط بطبيعتها وجوهرها، وإن كانت سلطتها قائمة على مبدأ الحق والقانون وفصل السلط، أم على القوة والمكر، أم أنها سلطة تجمع بين الحق والقانون وبين العنف والقوة والمكر.

فكيف تمارس الدولة سلطتها السياسية على الأفراد ؟ أو بتعبير آخر ما طبيعة السلطة السياسية؟ هل هي سلطة قائمة على الحق والقانون، وفصل السلط،  أم أنها سلطة قائمة على القوة والتسلط؟ أم أن الدولة تجمع ما بين الحق والعنف في ممارستها للسلطة السياسية؟

تعريف السلطة:

السلطة هي القدرة التي يتوفر عليها فرد أو جماعة، فتمارس تأثيرها على الآخرين وتوجه تصرفاتهم، وإذا أسست هذه السلطة على مبادئ مقبولة فإنها تسمى سلطة مشروعة، وإذا تأسست على القوية غير المبررة تسمى تسلطا.

  • السلطة السياسية قائمة على الأخلاق و الحق والقانون وفصل السلط:

يتبنى هذا الموقف مجموعة من الفلاسفة، نذكر على سبيل المثال فلاسفة الأنوار جون لوك وجون جاك روسو ومونتسكيو. فقد أكد الفيلسوف الفرنسي جون لوك (1632-1704) في كتابه “في الحكم المدني” على كون الدولة يجب تستخدم سلطتها السياسية في اتجاه حماية حياة الأفراد وحريتهم وممتلكاتهم، أي أن تضمن احترام الحقوق الطبيعية للأفراد، من هنا تكون السلطة السياسية في نظر لوك ذات بعد أخلاقي ديني، ولضمان حضور هذا البعد، يقترح لوك تنظيما مؤسساتيا، يسمح بمراقبة سلطة الدولة، والسماح للشعب بمقاومة الحاكم إذا تجاوزت سلطته الحدود المرسومة لها بواسطة القوانين المتعاقد عليها، فلا سلطة تعلو على سلطة القانون. ونفس الشيء أكد عليه الفيلسوف جان جاك روسو (1712-1778) حيث يقول  في مؤلفه “العقد الإجتماعي” بضرورة حرص الدولة على ضمان تحقق الحقوق والحريات الطبيعية للأفراد، والإبتعاد عن منطق القوة، لأنه منطق مبني على الإكراه وليس على الإرادة والإختيار. ولضمان تحقق هذه المبادئ الأخلاقية على أرض الواقع، وجعل السلطة السياسية سلطة قائمة على القانون والحق واحترام الحريات واحترام الحقوق الطبيعية، تقدم الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو (1689-1755) في مؤلفه “روح القوانين” بتصور لطبيعة السلطة السياسية، يقوم على ضمان حرية الأفراد ، حيث ينطلق مونتيسكيو من أن أي دولة تتوفر على ثلاث سلط: السلطة التشريعية التي تشرع القوانين، والسلطة التنفيذية التي تنفذ القوانين، والسلطة القضائية التي تحكم بين المتنازعين بواسطة القانون، ويذهب مونتيسكيو إلى أن الجمع بين هذه السلط سيؤدي إلى الاستبداد، وإصدار الأحكام اعتباطيا، لأن المشرع سيكون هو نفسه المنفذ، ولهذا يرى مونتسكيو ضرورة الفصل بين السلط  لغاية أن تكون السلطة السياسية سلطة ديموقراطية.

قيمة الموقف:

يجد الموقف أهميته وقيمته في دعوته إلى تأسيس السلطة السياسية على مبادئ الأخلاق، وتأسيسها على الحق والقانون والعدالة، وهو ما يتطابق مع الطبيعة البشرية الخيرة والحرة. لكن ماذا لو كانت الطبيعة الإنسانية طبيعة شريرة؟ هل يجب أن تتأسس السلطة على مبادئ الأخلاق أم لابد من اعتماد الدولة للعنف والقوة في الممارسة؟

 

  • السلطة السياسية قائمة على القوة والعنف

يتبنى هذا الموقف مجموعة من الفلاسفة نذكر من بينهم على سبيل المثال لا الحصر نيكولا ميكيافيلي

التعريف بميكيافيلي والسياق التاريخي لتصوره:

ميكيافيلي هو رجل سياسة إيطالي، كان ابنا لمحامي من فلورنسا، عاش في عصر النهضة. مثل عصر ظهور أفكار سياسية ترمي إلى تحرير عقول الناس من خمود تعاليم الكنيسة وتصلب معتقداتها. وكانت إيطاليا في عصره منقسمة من الوجهة السياسية، ففي شمالها كانت توجد عدة مدن يؤلف كل منها دولة، وفي الوسط كانت منطقة حكم البابا وفي الجنوب مملكة نابولي وصقلية. وكانت أقوى مدن الشمال هي ميلانو والبندقية وفلورونسا وهي مدينة ميكيافيلي. وقد أصبح ميكيافيلي في سن الثلاثين مستشارا سياسيا أوكلت إليه مهمات ديبلوماسية عديدة أتاحت له الفرصة لكي يرصد عن كثب خفايا التآمر السياسي ويدرسه. اكتسب لفظ الميكيافيلية معنى الشر. من أهم مؤلفاته كتاب “الأمير”.

تصور ميكيافيلي  حول طبيعة السلطة السياسية:

في تصور مخالف للتصورات السابقة الذكر، يذهب نيكولا ميكيافيلي إلى التأكيد على شكل آخر من أشكال الممارسة السياسية، السلطة سياسية القائمة على الصراع والمكر والخداع والقوة. ففي كتابه “الأمير” قدم ميكيافيلي مجموعة من الوصايا يجب على الحاكم اتباعها.  ومن بين تلك الوصايا أن الحاكم ليس من يحيا الاستقامة، بل الحاكم من يؤثر على عقول الناس بالمكر والخداع، وأنه على الحاكم كذلك  أن ينهج في حكمه طريقة القانون أو طريقة القوة، شريطة الجمع بين مكر الثعلب لكي يتجنب المكر والخداع من أعدائه وقوة الأسد ليرهب ويخيف. ويفترض ميكيافيلي أن جميع الناس أشرار ولذلك على الحاكم أن ينقض العهد،  وكذلك أن يخفي صفتي المكر والخداع بحجة أن الناس على استعداد لقبول ضرورة الحاضر وبالتالي سهولة خداعهم.

نفس الموقف ذهب إليه الفيلسوف الإنجليزي طوماس هوبز (1588-1679) الذي أكد على أن الدولة يجب أن تكون كالتنين، المتسلط على  جميع الوحوش البحرية.

قيمة وحدود الموقف،

 يجد موقف ميكيافيلي قيمته فيما عاشته إيطاليا من تفرقة، وبهذا فهو موقف ارتبط بالواقع وانطلق من اعتبار الطبيعة الإنسانية طبيعة شريرة. إلا أن الطبيعة ليست بالضرورة شريرة، وهو ما يجعلنا نتساءل: أليس من واجب الدولة وطبقا لغايتها، أن تؤسس سلطتها على الحق والقانون بدل العنف والإكراه؟

يقول إيمانويل كانط: “عامل الإنسانية في شخصك كما في شخص غيرك، دائما وأبدا كغاية وليس كمجرد وسيلة”

إغلاق