محور الدولة بين الحق والعنف – مفهوم الدولة

الفئة المستهدفة الثانية بكالوريا
المادة مادة الفلسفة
المجزوءة  مجزوءة السياسة
المفهوم مفهوم الدولة
المحور الأول محور مشروعية الدولة وغاياتها

 

محاور درس الدولة بين الحق والعنف

  • التأطير الإشكالي
  • للدولة حق ممراسة العنف المشروع
  • الدولة يجب أن تكون دولة حق وقانون

الدولة بين الحق والعنف

التأطير الإشكالي للمحور

إذا كانت الدولة تدل على كل الأجهزة والمؤسسات التي تمارس السلطة والحكم في بلد ما، فإن ممارسة السلطة والحكم للدولة يطرح مفارقة، وهي إن كانت الدولة تعتمد الحق والقانون في ممارسة السلطة والحكم، أم أنها تعتمد العنف والقوة، أم تقوم على المزاوجة بين الحق والعنف. هكذا، يحق لنا أن نتساءل: هل تتأسس سلطة الدولة وطريقتها في الحكم على مبدأ الحق والقانون أم أنها تتأسس على العنف والقوة؟ وهل يمكن أن يكون عنف الدولة عنفا قانونيا مشروعا؟ بتعبير آخر، هل من مبرر لعنف الدولة أم أن مبدأ الحق والقانون يتناقض مع العنف والقوة بشكل مطلق؟

  • للدولة حق ممارسة العنف المشروع

يمثل هذا الموقف مجموعة من الفلاسفة والمفكرين، نذكر من بينهم السوسيولوجي الألماني ماكس فيبر، والذي ذهب في كتابه رجل العلم ورجل السياسية، إلى كون الدولة تحتكر حق ممارسة العنف المشروع، ولا يوجد حسبه أي تناقض بين ذلك وبين الطابع العقلاني والقانوني للدولة. وقد انطلق ماكس فيبر  من السياسة باعتبارها “قيادة تجمع سياسي يسمى اليوم الدولة”، ليعرف الدولة من خلال الوسيلة الخاصة بها والتي تتميز بها وهذه الوسيلة هي العنف المادي. وبالتالي لا يمكن فهم الدولة إلا من خلال العنف المادي الجسدي.  في السياق ذاته يستشهد ماكس فيبر بقولة لأحد السياسيين الروس وهو تروتسكي الذي قال: “كل دولة تقوم على العنف”، مؤكدا من خلال ذلك على العلاقة الحميمية بين الدولة والعنف، وعلى أن العنف شرط لاستمرار الدولة. إضافة إلى ذلك يؤكد على أن الدولة هي التي تحتكر لنفسها استعمال العنف المادي، بمعنى أنها الجهة الوحيدة التي يحق لها ذلك، وأن الأفراد ليس لهم الحق في ذلك. لكن، لا يتحدث ماكس فيبر عن كل أشكال العنف، وإنما يتحدث عن العنف المشروع، وهو العنف الذي لا يتناقض مع الطابع العقلاني والقانوني للدولة.

قيمة الموقف وحدوده:

لموقف ماكس فيبر أهمية من حيث إبرازه لأحد الطرق التي تعتمدها الدولة في ممارستها السياسية والتي هي العنف، من حيث ارتباط الدولة بالعنف، وهو ما يؤكده التاريخ الإنساني عبر كل مراحلها، فالتاريخ شاهد على ممارسة كل الدولة للعنف. إضافة إلى ذلك، يجد موقف فيبر قيمته وأهميته في تأكيده على الشكل القانوني من العنف، وليس الشكل الذي يتنافى مع القانون.  لكن يمكن القول بأن العنف هو الوسيلة البائسة التي تلجأ إليها الدولة في ظل نفاذ الآليات الأخرى من عدالة وقانون وحق… وبالتالي يمكن التساؤل: هل يمكن الحديث عن عنف قانوني وآخر لاقانوني؟ أليس كل عنف هو عنف؟ أليس العنف متناقض مع مبادئ الحق والقانون والعدالة؟

يمكن الانفتاح على موقفي كل من طوماس هوبس ونيكولا ميكيافيلي

 

  • الدولة يجب أن تكون دولة حق وقانون

في تصور مخالف للتصورات السابقة، تذهب الفرنسية جاكلين روس، إلى أن الدولة لا تقوم فقط على العنف، وإنما على فكرة الحق. ولذلك فروس تدافع عن دولة الحق والقانون وتنتصر للقانون واحترام الحريات واحترام الأشخاص والكرامة الإنسانية ضد كل أشكال العنف والقوة والتخويف. ووفق تصور جاكلين روس، فدولة الحق تتخذ ثلاث ملامح: القانون والحق وفصل السلط، وهذه القوى الثلاث تجعل الأفراد يشعرون بأنهم محترمون ومحميون. مع التأكيد على أهمية فصل السلط، باعتباره الآلية التي تضمن الاحتماء الفعال في ظل سلطة دولة الحق التي تعمل بواسطة القانون والحق وتقوم على فصل السلط.   

إذن فجاكلين روس تنتصر لسلطة القانون القائمة على فصل السلط والضامنة للحق، وتنتقد السلطة القائمة على العنف والقوة والتخويف. لتبقى الغاية هي احترام الحريات واحترام الأشخاص والكرامة الإنسانية، وهذا يتنافى مع العنف والقوة والتخويف والترهيب.

أهمية الموقف وحدوده:

إن ما يثمن موقف جاكلين روس هو انتصاره لدولة الحق والقانون، ودولة الحريات والكرامة الإنسانيتين، وانتقاده لكل الأشكال الإستبدادية والديكتاتورية للدولة. إن موقفها هذا لموقف سديد، فهو لا ينطلق إلا من إنسانية الإنسان، هذه الإنسانية التي تتجلى في الحرية والكرامة… غير أن هذا الموقف يبحث فيما يجب أن يكون، وهو ما قد يجعله تصورا مثاليا، وخاصة إذا افترضنا أن طبيعة الإنسان شريرة، وهو ما يدفعنا إلا التساؤل: هل العنف يتناقض بالضرورة مع دولة الحق والقانون؟

يمكن الانفتاح على تصورات كل من جون لوك، إيمانويل كانط، مونتسكيو، باروخ اسبينوزا…. لإغناء موقف جاكلين روس

إغلاق