الفلسفة والسينما بقلم محمد أبو العباس

الفلسفة والسينما بقلم محمد أبو العباس

ماهو معني الفلسفة؟وما هي السينما ؟ وما مدي أهمية الفلسفة بالنسبة إلي السينما؟ وما مدي أهمية السينما بالنسبة للفلسفة؟لماذا تعاني السينما المصرية المعاصرة من فقر المضمون الفلسفي؟ كيف يمكن حقن جسد السينما المصرية بترياق الفكر الفلسفي؟

اولا معني الفلسفة:

هي ذلك النشاط العقلي القائم علي رؤية ونظرة شمولية ،هدفها تفسير وتبرير وتغيير الوجود بما فيه الوجود الإنساني ،ومحاولة الوصول إلي افضل تصور ممكن لما يجب أن تكون عليه الحياة الإنسانية.

ثانيا معني السينما :

هي ذلك الفن الذي يستخدم الصورة لتوصيل فكرة يمكن أن تكون محاكاة للواقع المعاش،او فكرة خيالية ليس في الإمكان تحقيقها في الواقع مثل محتوي أفلام الخيال العلمي.

ثالثا مدي أهمية الفلسفة للسينما :

من وجهة نظرنا نري أن الفلسفة هي أصل وجذر السينما ،لأن الفيلم السينمائي بدونها يصبح مجرد لهو لا أكثر ،وهنا ترجع أهمية الفكرة بالنسبة للصورة أي الفلسفة للسينما، وإن جاز لنا التشبيه ،فإن الفلسفة بالنسبة للسينما هي الشريان الذي يحمل الدماء التي هي الأفكار إلي جميع أجزاء الجسد السينمائي لينعم بالحيوية والنشاط.
لك ان تتخيل كيف تتم عملية الإخراج السينمائي ،فدور المخرج لا يقل أهمية عن دور الفيلسوف ،ففيلسوف السينما يقوم بإخراج المفاهيم والافكار المغذية للنص السينمائي من خياله علي شكل كلمات علي ورق ، ثم يأتي دور المخرج السينمائي ليقوم بتجسيد هذه الأفكار في صور متحركة متمثلة في الأفلام والمسلسلات ،فكل منهما لا يستطيع أن يتخلي عن الخيال .
وبهذا يمكن ان نكون مثلث الإبداع السينمائي، الذي يتصدر قمة الهرم هو الفيلسوف السينمائي او المؤلف المفكر ، ثم قاعدتي المثلث الهرمي متمثلة في المخرج السينمائي والنجم السينمائي.
فلن يستطيع نجم السينما التحرك دون خطة ومضمون من المخرج،والمخرج أيضا لن يستطيع ممارسة عملية الاخراج السينمائي بدون نص فلسفي ،الذي يبدعه المفكر المؤلف الذي يتصدر قمة هرم الإبداع.

رابعا مدي أهمية السينما بالنسبة للفلسفة:

السينما بالنسبة للفلسفة هي أفضل وسيط وحلقة وصل بين الفكرة والمتلقي ،وذلك بسبب الدور الفعال الذي تقوم به الصورة والقوة المؤثرة لها علي عقل الإنسان المعاصر ، فالسينما بالنسبة للفلسفة هي ثوب الجمال للفكرة وليدة الفلسفة ،وأفضل تجسيد للفكرة هي الصورة السينمائية.

خامسا سبب معاناة السينما المصرية من الفقر الثقافي والفكري :

الإجابة واضحة ولكننا نحب أن نوهم أنفسنا أننا لا نعرف شيئ البتة ، والسبب في حالة الفقر الفلسفي في السينما المصرية المعاصرة ،هي إلغاء قيمة الثقافة والوعي كرسالة وراء كل عمل سينمائي ،وإستبدالها بل بالكسب والربح والتجارة ،فأصبح تركيز المؤلف علي كتابة نص مليئ بالإحاءات الجنسية ،وأصبح الشغل الشاغل للمخرج هو كيفية التركيز علي إبراز مفاتن المرأة ، التي هي معيار نجاح الفيلم ،وكلما كان الفيلم أكثر اثارة للغرائز كلما كان اكثر في نسب المشاهدة التي تجلب الربح .

فأصبح جسد المرأة في الوقت المعاصر عبارة عن سلعة يتم الترويج لها في الافلام ،والمسلسلات ،والإعلانات من أجل الربح .

وبهذه الطريقة يموت الذوق الفني الذي كان في مرتبة ملائكة الجمال ،ويهبط إلي شياطين الأرض ، وتحولت صناعة السينما إلي سلطة لخلخلة بنية العقل المعاصر ،وذلك لما لها من تأثير سحري علي الإنسان الحالي الأجوف ثقافيا .

الحلول والمقترحات وكيفية حقن جسد السينما المصرية بترياق الفلسفة :

١-هذا المقترح ينتسب إلي الاستاذ الدكتور مصطفي محبو الفيلسوف مصطفى النشار عندما نادي بتعيين مستشار فلسفي في كل وزارات الدولة حتي رئاسة الجمهورية ، وذلك لما في الفلسفة من فاعلية وشرارة في رصد وتفسير وتغيير وثورة ونقد وفلترة وإعادة صياغة جديدة .

٢-اما الباقي فهو اجتهاد منا والذي يتمثل في :

أ- الإعلاء من جانب الخيال لأنه مصدر ورحم يحتوي جنين الإبداع .

ب-إبراز دور المرأة الحقيقي في السينما ،فهي ليست جسد فقط بل عقل فعال له دوره ومكانته التي لا تقل عن مكانة عن الرجل ، والتوقف عن تصويرها علي إنها مجرد وعاء للجنس ،فهي ارقي من ان تكون مجرد سلعة يستغل جسدها لتحقيق ربح ونجاح سريع للعمل السينمائي .

ج-أخيرا إدخال ثلاثية القيم ((الحق-الخير-الجمال)) في النص السينمائي.

وبهذه المقترحات تكون بمثابة مضادات حيوية للأمراض التي اصيبت جسد السينما المصرية .

محمد أبو العباس

إغلاق