فلسفة السينما في عصر ما بعد الحداثة “فيلم آسف علي الإزعاج”نموذجا

فلسفة السينما في عصر ما بعد الحداثة “فيلم آسف علي الإزعاج”نموذجا
ما معني الفلسفة ؟وما هي السينما ؟ولماذا سميت بالفن السابع ؟ وما تعريف ما بعد الحداثة ؟ كيف تناول فيلم “اسف علي الازعاج ” بعض قضايا الفلسفة المعاصرة ؟

اولا معني الفلسفة؟

الفلسفة عبارة عن نشاط عقلي هدفه فهم وتفسير كل ما يحيط بالإنسان ، ومحاولة تغيير الواقع الي الافضل عن طريق رؤية كلية شاملة .

ثانيا ماهية السينما؟

السينما film اوmovie او motion picture هو مصطلح يشير إلي التصوير المتحرك الذي يعرض للجمهور،اما في أبنية فيها شاشات كبيرة تسمي دور السينما ،اوشاشات اصغر مثل التلفزيون، وتسمي بفن استخدام الصوت مع الصورة سوية من أجل إعادة بناء الأحداث علي شريط خلوي .

بداية السينما :

انطلقت علي اساس اختراع التصوير الضوئي وكان ((الحسن بن الهيثم )) هو المؤسس الأول لمبادئ علم البصريات ،ثم جاء ((ليوناردو داڤينشي)) ووضع مبادئ علم البصريات الحديث .

ثالثا ما سبب تسمية السينما بالفن السابع؟

يرجع ذلك إلي الناقد الفرنسي ((ريتشيوتو كامودو))،والفيلسوف الفرنسي ((ايتين سوريو )) وهو واضع تصنيف منظومة الفنون الجميلة ووضع فن السينما في الترتيب رقم 7

رابعا ما تعريف ما بعد الحداثة؟

هي عبارة عن مشاريع ثقافية علي شكل مجموعة من وجهات النظر ذات طابع نقدي وشكي وتفكيكي ، لبناء فكر جديد ورؤية جديدة .

خامسا كيف تناول فيلم “اسف علي الإزعاج” بعض قضايا الفلسفة المعاصرة ؟

مقدمة :

ان أحداث فيلم اسف علي الإزعاج للفنان احمد حلمي، قائمة علي قصة مهندس طيران مصري يعاني من مرض الفصام صاحب فكرة ومشروع جديد للتطوير وتوفير وقود الطائرات ، وكان يرسل العديد من الرسائل الي رئيس الدولة ،آملا في الدعم والمساعدة لتنفيذ المشروع ،ولكنه لم يجد سوي السخرية وعدم المساعدة ولكن في نهاية الامر تم تبني فكرته وتنفيذها في مقر العمل .

اهم الافكار الفلسفية التي تشكلت في قالب درامي تراجيدي في الفيلم :

1-(الإنسان الفصامي المغترب)

فقد كان المهندس /حسن مصابا بمرض الفصام ، وهو ضمن الأمراض النفسية العصرية نتيجة عجز العقل في تقبل الصدمة troma بلغة الطب النفسي والتي تتمثل في فقدان الاب الدور الذي يقوم به الفنان /محمود حميده ونتيجة لهذه الصدمة ، صنع عقل المهندس /حسن صورة الاب في خياله واصبح يتعايش مع هذا الوهم كما لو أنه حقيقة ، وذلك بسبب مرار الحقيقة وهي موت الأب .

ومن وجهة نظرنا ان هذا ليس مجرد دراما سينمائية ، بل هي حقيقة معاشة فهناك العديد مثل البشمهندس /حسن ، هناك من يرفض الحقيقة و يتهرب منها لأنها مرة ، ويقوم بصنع عالم ثاني موازي يعيش فيه بعيدا عن الحقيقة ، ويصبح مغتربا عن نفسه وعن العالم وينفصل تماما عن الواقع ويغرق في بحر الوهم .

2-(التفرد في مقابل السقوط في الحشد والضياع مع القطيع)

جسد الفنان /أحمد حلمي ببراعة شخصية ذات طابع فريد وعبقري متمثلة في م/حسن ، فلقد كان موت ابيه((محمود حميده)) و خوف امه ((دلال عبد العزيز)) عاملان اساسيان في تكوين شخصية بطلنا ، فلقد اعتاد العزلة والبعد عن الناس ، وتلك العزلة اضافت إليه ، وتفرد عن غيره بعبقريته رغم مرضه ، علي العكس عما نراه في أيامنا والإنغماس التام في الحشد والتقليد الأعمي .

3-(الخواء والبحث عن معني)

جسد الفنان/احمد حلمي في فيلمه هذا فكرة الخواء والبحث عن المعني ، متمثلة في م/حسن عندما قرر ان يهجر الوحدة ويخترق شرنقة العزلة ويبحث عن رفيق يبادله المشاعر ، فقام بخلق وهم آخر يتعايش معه وهو حبيبته ((منة شلبي)) ،اراد ان يخرج من دائرة المأساة والمعاناة التي يعيشها ، فأراد ان يصنع لنفسه عالم آخر يجد فيه سعادته ، ولكن للأسف هذا العالم مبني من الوهم ، وكان عبارة عن مسكن وليس علاج له .

4-(الإبداع عندما يولد من رحم الخيال)

رغم مرض الفصام الذي كان يعاني منه ، إلا انه كان صاحب خيال واسع جدا، اتاح له ان يعيش مع ابيه رغم موته ، وصنع حبيبة والتعايش معاها رغم عدم وجودها ، ولكن كل هذا في جانب ……وفكرة التطوير ومشروعه الخاص بتوفير وقود الطيارات في جانب آخر ، فلولا خصوبة الخيال لما ولدت هذه الفكرة من الاساس لديه ، فبدون ملكة الخيال لما استطاع ان يبدع شيئ جديد ،فالخيال هو الحبل السري الذي يغذي جنين الإبداع بالغذاء .

5-(الإنسان المعاصر المهمش )

فقد تناول الفيلم ايضا فكرة الانسان المهمش وفاقد القيمة ، نتيجة الرأسمالية ، واتضح ذلك في مشهد محاولة م/حسن للبحث عن اي شخص يتبني فكرته وعرض رجل الاعمال علي م/حسن بيع فكرته مقابل المال ،هذا يوضح مدي سطوة المال في عصر ما بعد الحداثة .

فقد اصبحت لغة المال هي المسيطرة اكثر من لغة العلم والفكر ، ونجد معظم العقليات الممتازة اكثر تهميشا عن غيرهم .

وختاما به ان فلسفة فيلم “اسف علي الازعاج” عبارة عن مرآة فنية عكست وناقشت زوايا عدة فيها النفسي المتمثل في ((الفصام)) ويمكن ان نعمم ذلك علي الواقع نفسه في عصر ما بعد الحداثة، في انه مصاب بالفصام الوجودي ،وقد فقد هويته الحقيقة والاصيلة كما لو ان هناك صراع بين الهوية والرأسمالية التي تعمل علي طمث وتهميش تلك الهوية وظهور اللامعني .

وايضا تناول الفيلم زوايا فلسفية منها ((فكرة الإغتراب والسقوط في الحشد))وايضا (( الابداع وقوة الخيال))((البحث عن معني بالحب )) و ((الانسان المهمش)) كل ذلك جاء في قالب درامي فني تراجيدي وهي فكرة جريئة وجديدة للفنان احمد حلمي في خروجه عن اطار الكوميديا ، وتقديم رسالة في إطار التراجيديا والمأساة .

محمد أبو العباس

إغلاق